خالد البسيونى
كل ما يقال عن الخلافات بين تل أبيب وإدارة بايدن بخصوص الحرب الوحشية التي يشنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ستة أشهر، ليست سوى مسرحية هزلية لذر الرماد على العيون ومحاولة بائسة للتغطية على الوجه القبيح لأمريكا وحقيقة انها القاتل الأول لعشرات الآلاف من نساء وأطفال الشعب الفلسطيني والشريك الرئيس في جريمة الإبادة الجماعية التي تتم اليوم أمام عيون العالم.
اسرائيل باتت تقترف مجازرها المروعة بحق المدنيين في غزة بكل أمان واطمئنان وهي على ثقة مطلقة بـ”فيتو” شريكها في الجريمة لكن هذه الأخيرة مافتئت تذرف دموع التماسيح على المدنيين في القطاع في الوقت الذي تواصل فيه ارسال المزيد من قنابل الموت والدمار إلى قتلة تل ابيب وتؤكد على أهمية التزام الجلاد بمبادئ وأخلاق قتل ضحيته.
أغلقت واشنطن المعابر وشددت الحصار على الناس، ووفرت لجيش الاحتلال كل الظروف المواتية لمواصلة مذابحه وبطشه وتنكيله بملايين الفلسطينين وأعطته الضوء لقتلهم بالحديد والنار والجوع والعطش، ثم راحت تبني على عجل في عمق البحر ميناء في ظاهره الرحمة والانسانية وفي باطنه الوحشية والعذاب.
جرائم ومجازر مروعة بسلاح امريكي
لم يكن مستغربا إعلان الولايات المتحدة وهي القاتل الأول للشعب الفلسطيني والمزوّد الرئيس لمجرمي تل أبيب بقنابل وصواريخ الموت والخراب انضمامها إلى دول مساعدات الجو الهزلية، إذ وجدت في هذه الطريقة المبتكرة مخرجا ربما يكون مناسبا لمواجهة الضغوط التي تتعرض لها في الداخل الأمريكي إزاء مشاركتها المباشرة في جريمة الإبادة الجماعية لأهل غزة ولإيقاف تراجع شعبية رئيسها الخرف وإدارته الصهيونية والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة قبل أقل من عام على استحقاقات الانتخابات الرئاسية.
وبعد أن وصل الغضب والاستياء من كثير من حملة الضمائر الإنسانية ورافضي الظلم والطغيان الذي تمارسه قيادتهم ضد شعوب العالم إلى القيام باحتجاجات وخطوات غير معهودة شكلت إحراجا لدولة أصمّت آذان الدنيا بشعاراتها عن العدالة والحرية واحترام الإنسان على غرار ما قام به الضابط في سلاح الجو الأمريكي أرون بوشنل قبل أيام عندما أحرق نفسه أمام سفارة الكيان في واشنطن في مشهد حي ومباشر تابعه ملايين البشر حول العالم رفضا للتورط الـمريكي المباشر في جريمة الابادة الجماعية بغزة إلى جانب الكثير من الاحتجاجات الشعبية التي باتت تقض مضاجع بايدن وطاقمه الرئاسي واذا بهم يلجأون إلى تنفيذ مسرحيات عبثية وتسجيل مواقف صورية والتشدق بكلمات تزعم معارضتها قتل وتجويع الأبرياء في غزة وغيرها من الترهات والاكاذيب التي سرعان ما تتبخر تحت تأثير “الفيتو” الذي يقف حجر عثرة أمام مساع لايقاف الجرائم الاسرائيلية في القطاع المحاصر برا وبحرا وجوا منذ أكثر من 17 عاما.
كان الفيتو الأمريكي خلال خمسة عقود كاملة الحامي الاول لدولة الاحتلال الاسرائيلي وصمام أمان جرائمها وانتهاكاتها ضد فلسطين وكل شعوب الامة العربية والاسلامية وجعلت من هذا “الحق الدولي” سيفا مصلتا على رقاب الشعب الفلسطيني وأبناء الامتين العربية والاسلامية، ولم تتردد مؤخرا في اشهاره لعدة مرات وبشكل مستفز للعرب وللضمير الانساني قاطبة لاجهاض مشاريع قُدمت لمجلس الامن الدولي تدعو إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي المدمر على غزة، لتقف أمريكا من جديد متحدية كل المطالبات الدولية المتزايدة بإنهاء “حرب الإبادة”، التي يشنها جيش الاحتلال على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، إذ خلف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين تحت أنقاض الأبنية المنهارة جرّاء القصف، وكارثة إنسانية غير مسبوقة لحقت بالنازحين المكدسين بجنوب القطاع.
وكان استخدام حق النقض ضد المشروع الجزائري، هو المرة الثالثة التي تمنع فيها الولايات المتحدة مشروع قرار منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023.
ودشنت واشنطن في 22 ديسمبر الماضي، استخدام حق النقض “الفيتو” للمرة الأولى منذ العدوان على غزة، بعد أن أجهضت تعديلًا لروسيا يدعو لوقف إطلاق النار، وتسليم المساعدات في غزة.
وفي 8 ديسمبر 2023، منعت واشنطن مشروع قرار إماراتي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار الإنساني في قطاع غزة.
وفي 18 أكتوبر 2023، استخدمت واشنطن حق النقض ضد مشروع قرار برازيلي يدعو إسرائيل من بين أمور أخرى، إلى سحب الأمر الصادر لسكان غزة بالانتقال إلى جنوب القطاع، ثم عللت الولايات المتحدة قرارها بالقول إن مشروع القرار لم يذكر حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
لتختتم خدماتها المجانية للكيان الصهيوني باجهاض مشروع القرار الجزائري قبل أيام وهو ما أثار غضبا واسعا في أوساط الشعوب والمنظمات الحقوقية حول العالم والتي تقابل الشعارات الأمريكية عن الديقراطية والعدالة وحقوق الانسان بكثير من التشكيك والسخرية.
وعبر التاريخ المعاصر استخدمت الولايات المتحدة حق النقض 46 مرة ضد القرارات التي تنتقد إسرائيل. واستخدمت حق النقض ضد 89 قرارًا في مجلس الأمن منذ عام 1945، ما يعني أن ما يزيد قليلًا على نصف حق النقض قد تم استخدامه على قرارات تنتقد الاحتلال.
كل هذه المعطيات والحقائق تثبت بما لايدع مجالا للشك أن الفيتو الأمريكي قاتل الشعب الفلسطيني الأول وان جيش الاحتلال ليس أكثر من أداة رخيصة لتنفيذ الجريمة.
سلاح المقاطعة
أمام هذه العنجهية الأمريكية ودعمها المطلق لجرائم الاحتلال الصهيوني باتت تتعالى أصوات في كثير من بلدان العالم الاسلامي تدعو إلى سلاح المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الامريكية والاسرائيلية باعتبار ذلك خطوة لا بديل عنها للضغط على واشنطن لتغيير سياستها المتغطرسة وانحيازها الأعمى للاحتلال ومواجهة سياسة الفيتو الذي لا يتوقف ويستبيح كل الحرمات والمقدسات.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن تفعيل سلاح المقاطعة الشاملة للمنتجات الصهيونية الأمريكية الغربية والشركات التي تسهم في دعم العدوان على قطاع غزة ستكون سلاحا فعالا لما لها من اثر في تدمير اقتصاد العدو وأذنابه وداعمية..مشددين على ضرورة ان تكون هناك حملات تعريفية بأسماء المنتجات والبضائع التي يتطلب مقاطعتها وهو فقط ما سيؤثر على الأمريكي وتوجهاته العدوانية ضد شعوب العالم ويشيرون إلى أن مقاطعة منتجات الشركات العالمية الداعمة لموقف إسرائيل، تعد من الأساليب التي دعت إليها العديد من الحركات الشعبية العربية والإسلامية وبهدف الضغط على الشركات العالمية لتغيير سياساتها الداعمة لإسرائيل، وإظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني ورفض “الاحتلال الإسرائيلي”.
ويرى الداعون لمقاطعة منتجات الشركات الامريكية والعالمية الداعمة لموقف إسرائيل أنها “فاعلة”، وذلك لعدة أسباب، منها أن مقاطعة منتجات الشركات العالمية الداعمة لموقف إسرائيل يمكن أن تؤثّر على أرباحها، مما قد يدفعها إلى تغيير سياساتها الداعمة لإسرائيل وستساهم في إظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني ورفض الاحتلال الإسرائيلي.. كما أن أن سلاح المقاطعة يمكن أن تساهم في رفع مستوى الوعي بقضية الاحتلال الإسرائيلي. بحسب الخبراء الاقتصاديين في مختلف بلدان العالم.