شيرين ابوالعنين
عمران فتي صغير قصير القامة وحيد أمهكان يلعب في فناء الدار
بالكرة كان دارهم ذو طابق ارضي حيث يطلون علي المارة من النافذة
ويلعبون في ذلك الفناء المطل علي الشارع، كانت تلك الدار ذات السقف الخشبي
حيث تتساقط قطرات المطر من فتحات الخشب فكان عمران يحضر اطباقا بلاستيكية
لكي تتساقط فيها هذة القطرات ورغم برودة الطقس الا انه كان يشعر
انه يمتلك قصرا حيث يقول لامه الحمد لله يا امي ان لنا بيتا يأوينا
من برد الشتاء ماذا لو لم نمتلك هذا البيت؟
تجيبه الام الحمد لله يا عمران علي كثرة النعم التي حبانا بها الله
عمران:نعم يا امي الحمد لله
ورث عمران الرضا من والدته التي كانت تبث فيه المثابرة وتحمل الشدائد
ليكون رجلا يوما ما يتحمل الصعاب ،تمر الايام وعمران لم يشكو يوما
من ضيق الحال فكان يساعد امه في بيع الخبز حيث يطلق عليه
الكماج كان طعمه حلو المذاق كانت الام تخبزه في الفرن البلدي
الموجود بفناء دارهم وكان عمران يقوم ببيعه
عرف الجميع الخبز الذي يبيعه عمران فكان الكثير يأتي بطلبه
ذاع صيت حبات الخبز الذي يبيعه عمران حيث كان يأتي من هنا وهناك لشراءه
كان عمران ابن الخامسة عشر يبدو علية في سن العاشرة فهو ولد
طيب القلب متعاون لا يعرف للعب طريق يعرف ظروف والدته لذا
فهو يتحمل المسؤلية ويشارك علي حسب امكانياته فضلا انه يدرس بالصف الثالث الاعدادي
يحب العلم والدراسة يتمني ان يكون طبيبا يوما ما
كانت امه تقدر تعبه وتعلم انه يضحي باشياء كثيرة ،فكانت تدخر مبلغا من المالداخل شراب قديم
من اجله فعندما يلتحق بالجامعة سوف يحتاج الكثير من المال في فترة الجامعة
كان عمران فتي طيب القلب يحب امه ويتمني ان يرضيها
وعندما انتهي من امتحاناته في الصف الثالث الاعدادي وخرج مع صديقه اخر يوممن ايام الامتحانات
وعاد حاملا معه قطعة بيتزا ولكنه راي اناسا واقفون امام باب دارهم
شعر بغصة غريبة وصرخ صرخة مدوية راميا من يده قطعة البيتزا التي اتي بها لامه
قابلة الشيخ جاد الله وقال له شد حيلك يا عمران
البقاء لله يا بني
كانت ست طيبة وصبورة سابتلك السيرة الحسنة
عمران..في ذهول امي امي
وهو يصرخ باعلي صوته
سبتيني لمين يا امي
ازاي تموتي وتسبيني لوحدي
اعيش ليه ولمين
انا كنت عايش عشانك
وبحب الدنيا عشان انتي فيها
وكنت جايبلك حتة بيتزا تدوقيها ونعمل زيها مع بعض
اصحي يا امي اصحي
جذبه الشيخ جاد الله وهو امام المسجد بالحارة التي يسكن فيها عمران
بكي كل الموجودين علي صراخ وكلام عمران الذي مس قلوبهم
كانت امه ست طيبة تعمل من اجل ابنها ولا تجعله يشعر انه يتم الاب
الحاجة فاطمة..زوجة الشيخ جاد الله
يا شيخ جاد
الشيخ جاد:نعم يا حاجة
الحاحة فاطمة:احناهنعمل ايه
المفروض انه ميعيشي لوحده
الشيخ جاد:طيب يا حاجة انا بفكر في اللي بتفكري فيه
هناخدة يعيش معانا ويتربي في وسط علي وعمر
الحاجة فاطمة:ياريت يا شيخ جاد
اصله صعبان عليا فقد امه دا غير انه مشفش ابوه
كان اتوفي وهو لسه في اللفه
عمران يبكي ويتذكر ايامه مع امه
لم يدرك انه فقد امه
امي اصحي نعمل حبات الخبز
انا خلصت امتحاناتي
اصحي يلا وجبتلك حتة بيتزا علشان نعملها واوزعها هتعجبيك
يلا يا امي انتي نايمة قومي يلا بلاش هزار
قام الشيخ جاد ومعه عم متولي وقاما باحتضانه ومحاولة اخراجة برا الدار
كان عمران في حالة حزن وفي نفس الوقت حالة ذهول وانكار بان امه ماتت
وفارقت الحياه
عم متولي :اهدي يا ولدي اجلها ادعيلها بالرحمة والمغفرة
عمران:انا مش قادراصدق انها ماتت
عم متولي: وحد الله يا ولدي
امك في رحمة الله ادعيلها
الشيخ جاد:البركة فيك يا عمران
انت عملها الصالح يا ابني
ادعيلها
عمران:بصوت يملؤه الحزن والانين علي رحيل امه
ربنا يرحمك يا امي الغالية كنتي لي الام والاب وكل شيء
عم متولي ؛همس في اذن الشيخ جاد وقاله انا هاخده يعيش معايا
انا عايش لوحدي اهو يونسني
الشيخ جاد:بس انا اتفقت مع الحاجة فاطمة اننا ناخده يعيش معاناويتربي في وسط ولادي
علي وعمر
عم متولي؛انا عايش لوحدي يا شيخ جاد وعاوزه يعيش معايا
ياخد بحسي
كان الحديث مسموع ولكن عمران شارد من الحزن علي فراق امه
واثناء تشيع الجنازة كانت الصرخات تعم المكان بصوت عمران
الفتي الطيب الذي لم يصدق ان امه ماتت اثر سكته قلبية
كما شخص الطبيب سبب الوفاة
سمع عمران صوت امه وهي تقول اهدي يا عمران وادعيلي
انا رايحة عند ربنا يا ابني
نظر عمران في ارجاء الشارع ولكنه لم يجد الا نعش امه محمل علي اكتاف اهل الحارة
عمران…امي الغالية لا ولم انساكي
وبعد انتهاء مراسم الدفن لم يستطيع عمران الدخول الي البيت بعد خروج امه ولكنه
شعر باحساس قوي يجذبه الي البيت وكأن امه تناديه كعادتها
الام:يا عمران الخبز جاهز يلا وزعه يا ولدي شعر عمران بقشعريره
دخل عمران فلم يجد امه ولكنه يشعر بوجودها في البيت..صرخ وظل يبحث عنها علي امل
ان يراها ثانية..
دخلت عليه الحاجة فاطمة زوجة شيخ المسجد الشيخ جاد
تعالي يا عمران اقفل دارك يا بني وعيش مع اخواتك علي وعمر
عمران:لا يا خالة انا مش هسيب داري ابدا
دي ريحة امي في كل مكان وذكرياتي معاها هنا ازاي اسيب
ذكرياتي وحب امي اللي مش هلاقيه تاني خلاص
مشيت وسابتني
الحاجة فاطمة تبكي وهي تسمع كلام عمران
يا بني هتعيش ازاي لوحدك وانا زي والدتك
عمران :سبيني علي راحتي يا خالة فاطمة
الحاجة:فاطمة اللي تشوفه يا بني واسمحلي اباشر عليك واشوف طلباتك
عمران:تسلمي يا خالة فاطمة انا هكمل شغل امي وهصنع الخبز بنفسي ووزعه
زي ما كنت بعمل
امي كانت تقولي الله يرحمها الشغل بيصنع الرجال
وانت راجل يا عمران من صغرك
ومفيش حاجة تعيب الراجل طالما بيرضي الله وبيعمل عمل شريف وياكل بالحلال لان العمل عبادة
الحاجة فاطمة :ربنا يحميك ويبارك فيك ياابني
واثناء خروج الحاجة فاطمة من دار عمران ..دخل عم متولي
يطلب من عمران ان يأتي معه الي بيته ليعيش معه
عمران :تسلم يا عم متولي انا مش هسيب بيت أمي
الحاج متولي:هتعيش ازاي لوحدك يا ولدي
عمران: هعيش مع ذكرياتي مع امي
عم متولي: علي راحتك يا والدي
عمران:مش عايزك تزعل مني يا عم متولي بس انا مش هقدر اسيب بيت أمي
هنا اتربيت وكبرت وكل ركن في البيت بيفكرني بامي
عم متولي:انا مش هسيبك يا ولدي وهطل عليك دايما
عمران:ربنا يخليكوا ليا
مرت الأيام وعمران يحاول ان يتعايش منفردآ بدون امه ولكنه دائما
يشعر بها في كل اركان البيت ،يسمع صوتها وهي تحدثه ويسمعها
وهي تنادي عليه ،عمران يكمل مسيرة امه في العمل وهو يطمح بفتح مخبز
لعمل حبات الخبز التي كان يصنعها مع امه
مرت الايام سريعا ودخل عمران كلية الحقوق لقد اتت له امه بالمنام
وهي تقول له كن ناصرا للغلابة يا عمران،ساعد المحتاج ولا تنتظر المقابل
من احد فقط سيأتيك الخير من رب العباد
دخل كلية الحقوق وتغير مصيره بناءا علي تحقيق رغبة والدته
واصبح محامي الغلابة وتحقق حلمه بفتح المخبز ويعمل فيه العديد من العمال
وكان لا ينسي نصيب المحتاجين والمساكين وهكذا اصبح عمران محامي
ناصرا للمحتاجين واقفا بجوارهم وقت الشدة وها هي الدنيا تمر
وهو يعيش مع ذكرياته مع والدته الي ان ابتسم له الحظ وتعرف علي
فتاه طيبة تعمل بالمخبز انجذب اليها وقال ان هذا الشعور غريب ولاول
مرة اشعر بقلبي يدق فتاه تدعي آمنة بنت جميلة وبسيطة
رحبت به عندما تقدم اليها فهو شاب طيب القلب ونقي السريرة ومكافح فقد اعتمد
علي نفسه الي ان اصبح رجلا ناجحا
قرر عمران ترميم البيتدار امه المكان الذي نشأ وتربي فيه
واثناء نقل الاشياء وجد عمران فردة شراب تحت الدولاب وعندما مسك الشراب كأنه شعر
بروح امه تحيط بالمكان وسمع صوتها وهي تقول لقد ادخرت هذا المبلغ من اجل تعليمك
يا عمران
حضن عمران الشراب وبكي وقرر ان يعتمر ويهبها لروح امه
فلولاها لما وصل لهذه المكانه بهذا القلب الطيب الذي اعتاد علي العطاء
منذ صغره
العبرة من القصة التوكل علي الله فمن اعتمد علي رب الناس لا كل ولا ضل